فرض الخطاب النسوي نفسه كأداة لتحليل وفهم أحداث اجتماعية وسياسية واقتصادية، من حيّز العائلة وصولاً إلى النظام السياسي الشامل، كما بات إحدى أهمّ وسائل المقاومة، والتي تطال من ممارساتنا الأكثر ألفة إلى أعتى الديكتاتوريات. وفي السنوات الأخيرة، بات الخطاب النسوي في العالم العربي كنسق مؤثر في المنظومات الفكريّة والحسيّة التي تُنظّم حياتنا. بل أكثر من ذلك، تبدو النسوية في قلب الهشاشة المتعاقبة التي تعيشها منطقتنا كبقعة ضوء انعكاسيّة، أحيانا الوحيدة، وكحقل معرفي لا يمكن تجاوزه.
كحقل معرفي، يمكن فهم الخطاب النسوي كمجموعة من الأسئلة والتحديّات، من خلالها يقوم فعل التراكم، المركزي لأي حقل معرفي وممارساتي. فوجود منطقا تأسيسيا جامعا للفكر النسوي المتمثل بتقويض هياكل ومؤسسات اجتماعية وسياسية لا ينفي، بل يتماشى مع طابع هذا الحقل المفتوح، حيث يشكّل تجدّد الأسئلة إحدى سمّات فكر حي، ما زال يتشابك مع واقع متقلّب.
هكذا نظرنا إلى الخطاب النسوي في ملف «العمل النسوي وأسئلته المتجددة».
لا تشكّل الأجوبة الرابط بين مواد الملف، بل ما يحرّك مواضيعه ومقارباته المختلفة تمسكًا مزدوجًا بقيم الممارسة النسوية من جهة، وبميزة انفتاح الحقل المعرفي. ففي الآونة الأخيرة، برزت معضلات وسجالات، تتطلّب نقاشًا مفتوحًا، وعملًا مشتركًا، لا يفترض الإجماع والتوحيد على منظور أو مقولة، بل رغبة تشاركية في البحث عن أجوبة جماعية وفي تكثيف أثر هذه الممارسة فكريا وسياسيا.
يضم ملف «العمل النسوي وأسئلته المتجددة» مواد متعلقة بالعدالة النسوية وأفقها، والحراك النسوي في ايران، ومتابعة لقضايا تحرّش، كما يبحث الملف بأزمة الذكورة ودور الإعلام في مواكبة العمل النسوي. يشارك في هذا الملف ست مؤسسات إعلامية من العالم العربي، وهي الحدود، وصوت، وميغافون، ومدى مصر، والجمهورية ودرج. لبّت هذه المؤسسات دعوة فبراير - شبكة الإعلام العربي البديل لإنتاج محتوى يهم هذه المؤسسات وتحريره بشكل مشترك. عملنا سويا من خلال اجتماعات دورية التقينا فيها افتراضيا على مدى ست شهور، تناقشنا في الملف، طرحه، شكله ومواده وقامت كل مؤسسة بالمشاركة بمواد عينية تُغني هذا النقاش.